وكالة قاسيون للأنباء
  • الاثنين, 5 مايو - 2025

«آيفون» مخترق إسرائيليا: أبو ظبي من أكبر مستخدمي برامج التجسس الصهيونية

«آيفون» مخترق إسرائيليا: أبو ظبي من أكبر مستخدمي برامج التجسس الصهيونية

أوردت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية تفاصيل اكتشاف شركة "أبل" للاختراق المرصود في أجهزة الهاتف التي تصنعها، وقد بدأت في دولة الإماراتي التي تستخدم البرنامج الإسرائيلي.

ووفقا لتقرير الصحيفة، فإن كل شيء بدأ عندما قرر جهاز استخبارات غير محدد ملاحقة الناشط الإماراتي لحقوق الإنسان أحمد منصور (46 سنة)، والذي أدخل السجن ثمانية أشهر في العام 2011 بعد إدانته بتأييد عريضة تطالب بالديمقراطية. وبعد الإفراج عنه صودر جواز سفره ومنع من السفر. ويبدو أن جهاز استخبارات توجه للشركة الإسرائيلية، فمنحته برنامج تجسس طورته في الماضي.

ويقوم عمل هذا البرنامج على أساس توزيع رسائل قصيرة بريئة حال فتحها يتم إنزال برنامج تجسس يخترق الحماية ويستطيع متابعة كل نشاطات صاحب الهاتف وتحويل المعلومات منه. وبحسب "يديعوت"، ليس واضحاً إن كانت النية هي التركيز على منصور وحده، فوقع خلل أدى إلى نشر الأمر على مستوى عالمي، أم إن "NSO" بثت هذا العنصر الخطير والمخطط بهدف "أن تصيد على الطريق" منصور. ومهما يكن من أمر، على حد قول شركة "أبل"، فإنّ الضرر الكبير وقع.

وذكرت تقارير أن شركة "آبل"، منتجة أجهزة "آيفون"، طلبت من مستخدمِي هذه الأجهزة تحديث نظام تشغيل أجهزتهم. وعلى الرغم من أن مثل هذا الإعلان كان يتكرر، إلا أنه هذه المرة لم يكن بسبب تطوير لبرامج أو استحداث لوسائط، وإنما بسبب برنامج تجسس قادر على ملاحقة مستخدِم الجهاز ومعرفة كل ما يفعل. والجديد في الأمر، أن برنامج التجسس هذا من انتاج شركة إسرائيلية تنتج هكذا برامج منذ سنوات طويلة قبل أن تشتريها شركة أميركية وتزيد من فعلها.

وقد تباهت صحف إسرائيلية بأن برنامج التجسس هذا الذي اخترق الكثير جداً من أجهزة الهاتف العاملة على أنظمة شهيرة مثل أندرويد وiOS هو برنامج إسرائيلي "جنن العالم".

وأعلنت شركة "أبل" أن برنامج التجسس طورته شركة تدعى "NSO"، وهي شركة تطوير إسرائيلية اشترتها شركة أميركية لكنها لا تزال تتخذ هرتسيليا قرب تل أبيب مقراً لها. وتعتبر شركة "NSO" من أكثر الشركات في العالم ريادة في هذا المجال، حتى إن صحيفة "نيويورك تايمز" وصفتها بأنها: "من تجار السلاح الرقمي الأكبر والأكثر تملصاً في العالم".

ففي 10 أغسطس تلقى منصور على جهازه الآيفون بلاغاً قصيراً بدا له مشبوها وتضمن روابط "لمعلومات جديدة، أسرار جديدة عن التعذيبات التي يجتازها السجناء في سجون اتحاد الإمارات". فاشتبه منصور على الفور بأنه برنامج تجسس وبعث بالروابط إلى المحققين. ويعتقد هؤلاء بأن الإمارات تقف خلف محاولة الاقتحام، وحاولت استخدام أدوات "NSO" الإسرائيلية للتجسس على منصور.

وأشارت صحيفة "كلكلست" الاقتصادية الإسرائيلية إلى أن شركة "NSO Group" التي طورت برنامج التجسس تعمل بشكل شبه سري وأنه تم كشف النقاب عن طبيعة عملها منذ العام 2012. ويقوم عمل برنامج التجسس الذي كشفت عنه شركة "أبل" على أساس استغلال ثلاث ثغرات حماية في أجهزة "آيفون" لم تكن مكتشفة حتى الآن. وأتاح استغلال هذه الثغرات قدرة للمستفيد على السيطرة على الجهاز وتمكينه من ملاحقة مستخدمه أينما كان.

واكتشفت الثغرات الثلاث شركة الحماية "Lookout" ومختبر الأبحاث "Citizen Lab" التابع لجامعة تورنتو اللذان أبلغا شركة "أبل" وعملا معها على تصحيح الخطأ. ولم تنشر "أبل" خبر تعرض أجهزتها للقرصنة إلا بعد أن طورت تحديثاً يزيل الثغرات.

ولكن لم تُكتشف الثغرات إلا بعد أن أرسل الناشط الإماراتي أحمد منصور الرسالة التي وصلته إلى "Citizen Lab". ولاحظ الخبراء أن الرسالة تعود لشركة "NSO". وقال أحد الخبراء "إن المهاجمين يمكنهم استخدام كاميرا وميكروفون الجهاز من أجل تتبع ما يجري في محيط الضحية، والتنصت على محادثات الهاتف وواتس أب وفايبر، ورؤية الرسائل القصيرة التي ترسل من الجهاز أو يستقبلها فضلاً عن رصد تحركات صاحبه".

وأفادت تقارير أن شركة "NSO Group Technologies" تعتبر بين أبرز الشركات المتخصصة في مجال حرب السايبر، وهي التي سبق وطورت برنامج "فجسوس" الذي تستخدمه الكثير من الحكومات للتجسس على مواطنيها وغيرهم. و"فجسوس" هو من نوع البرامج التي تسمى "حصان طروادة" يتم زرعه بوسائل مختلفة في أجهزة الهاتف الذكية من دون أن يشعر صاحبه بذلك.

ويسمح البرنامج برصد الشخص المعني من دون الاعتماد على شبكة الهاتف المحمول "عبر العيش في الجهاز ذاته". وبرنامج "فجسوس" لا يمكن اكتشافه في الأجهزة إلا في مختبرات متطورة. ولا يحتاج هذا البرنامج للدخول إلى الجهاز، إلى رسالة أو أي شيء آخر، وإنما يحتاج، فقط، إلى معرفة الرقم التسلسلي للجهاز أو حتى مكان تواجده في لحظة معينة. وحال غرسه في الجهاز يمكن السيطرة على كل وسائط الجهاز من دون عقبات وتحويله إلى متتبع ذكي وراصد دائم لأفعال ومكالمات الضحية.

وأشار مطلعون إلى أن أحد مؤسسي الشركة كان قائد الجبهة الشمالية الأسبق الجنرال يانوش بن غال. كما إن أغلب شركات تطوير البرامج في إسرائيل تعتمد على عسكريين سابقين ممن عملوا في الوحدة 8200 المتخصصة في الرصد الإلكتروني والتابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.

وفي السياق ذاته، نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريراً مستنداً إلى تحقيق علمي موثق صادر عن "سيتزين لاب" المتخصص في أمن المعلومات، كشف سعي الحكومة الإماراتية لمطاردة الناشطين والحقوقيين من خلال التنصت على هواتفهم ومكالماتهم وقراءة الرسائل النصية الخاصة بهم والتجسس على لقاءاتهم، عبر برامج مراقبة إسرائيلية.

وعرَفت "فورين بوليسي" أحمد منصور بأنه ناشط بارز ومعترف بها دوليا في مجال حقوق الإنسان. وقد حصل على جائزة مارتن إينالز الحقوقية الدولية المرموقة. وكان واحدا من خمسة اعتقلوا وسجنوا عام 2011 في ذروة الربيع العربي لآرائه الوطنية والمتعلقة بحقوق الإنسان المدنية.  وإضافة إلى التجسس على الناشطين، وجد باحثون صلة بين استخدام "بيغاسوس" وحملة قرصنة في وقت سابق في الإمارات، أطلق عليها اسم "ستيلث فالكون".

 

* برنامج "بيغاسوس":

"بيغاسوس" هو البرامج الذي استُهدف به الناشط الإماراتي "أحمد منصور"، وهو برنامج يسمح لمشغله القيام بتسجيل المكالمات الهاتفية واعتراض الرسائل النصية، بما فيها الرسائل على البرامج المشفرة اسميا مثل فايبر والواتس أب. ويمكن لهذا البرنامج قراءة الكتب ورسائل البريد الإلكتروني. يمكن للبرنامج تحركات الناشطين، من خلال استخدام كاميرا الهاتف والميكروفون من جانب البرنامج.

ويستخدم هذا البرنامج نظام تشغيل الهواتف المحمولة ويحول "آي فون" إلى أدوات مراقبة متعددة الوظائف ذات قدرة عالية. ويصبح أداة للتجسس بشكل فعال على مدار 24 ساعة. في الماضي، كان التجسس يتطلب فريقا كبيرا وموارد ضخمة، أما الآن، فالناشطون في دولة مثل الإمارات عرضة لكل للمطاردة باختراق الهاتف فقط.

هذه التفاصيل الواردة في تحقيق "سيتزين لاب" تؤكد أن هاتف منصور "آي فون" تعرض أيضا لهجوم من برنامج يسمى (zero-day)، وقد نبهت "سيتزين لاب" شركة آبل عن هذه الثغرة والعيب، فقامت بتصحيحه. ويقول تحقيق "فورين بوليسي" إن نقاط ضعف (Zero-day) نادرة جدا، وتؤكد أن البرمجيات الخبيثة التي استهدفت الناشط "منصور" مصممة في إسرائيل، وهي مملوكة لـ"مكتب الإحصاء الوطني" الذي قام بتغيير اسمه أكثر من مرة، ويبيع برامج المراقبة والتجسس الإسرائيلية.

ويقول تحقيق "فورين بوليسي" إنه من غير الواضح كم الأموال التي دفعتها أبوظبي للشركة الإسرائيلية التي أنتجت "بيغاسوس"، لكن مصادر رجحت أن العقد يتراوح من 10 مليون إلى 15 مليون دولار. وأكدت المصادر أن أبوظي استأجرت "مكتب الإحصاء الوطني" الإسرائيلي من أجل المراقبة. وأفاد المكتب" أنه يبيع أدوات المراقبة للحكومات في جميع أنحاء العالم، وأن أبوظبي واحدة من أكبر عملائه.

 

خدمة العصر