فؤاد عبد العزيز
فؤاد عبد العزيز

كاتب سوري مدير تحرير وكالة قاسيون

ما الذي يحدث لاقتصاد النظام ..؟

يبدو المشهد مرعبا لمن يريد أن يتذكر مسيرة الليرة السورية منذ العام 2020 وحتى اليوم ، فهي في مطلع ذلك العام كانت بحدود 1000 ليرة مقابل الدولار الواحد ، بينما اليوم يتجاوز سعرها الـ 6500 ليرة ، ما يعني أنها تراجعت بمقدار أكثر من خمسة أضعاف في غضون عامين فقط .

ولمن يبحث عن الدلالة من هذه الرقمين ، يكفي أن نقول وبلغة بسيطة أن من كان لديه مبلغ مليون ليرة سوريا ، أصبحت قيمتها بعد عامين تساوي أقل من 200 ألف ليرة فقط … وبقياس هذه الأرقام على أصحاب الودائع الكبيرة بمئات مليارات الليرة ، نستطيع أن نتعرف على الخسارة الهائلة التي مني بها هؤلاء ودون أن يحركوا ساكنا .

وعلى جانب آخر ، تقول البيانات الاقتصادية الصادرة عن دوائر غير رسمية ، لكنها موالية للنظام ، أن حجم الاقتصاد الكلي تراجعت قيمته بأكثر من الضعف في العام 2022 ليصبح نحو 10 مليارات دولار ، بعد أن كان نحو 20 مليار دولار في العام السابق ، بينما كان قبل العام 2011 ، يقدر بأكثر من 60 مليار دولار ..

هذا يشير إلى أن مؤشرات الاقتصاد السوري تمضي نحو الهاوية وإلى قاع يحتاج ربما إلى أكثر من ثلاثين سنة للخروج منه ، هذا فيما لو استعادت الدولة السورية قدرتها الآن ، وعلى النحو الذي كانت عليه قبل العام 2011 .

ولا يمكن أن نتجاوز أزمة المحروقات التي ضربت مناطق النظام في الأشهر الثلاثة الأخيرة ، والتي كان لها الدور الأكبر في انكشاف الاقتصادي السوري على أزمات لم تكن في الحسبان ، حيث أتضح أن إيران قررت وقف ضخ النفط للنظام بأسعار تفضيلية ، فضلا عن أنها اشترطت عليه دفع سعره بالدولار وقبل شحنه ، وهو ما يعني أن البلد باتت بحاجة إلى أكثر من 140 مليون دولار شهريا لتغطية تكاليف استيراد النفط ، على اعتبار أن سعر البرميل 70 دولارا ، فيما تبلغ الحاجة الوسطية الشهرية حوالي 2 مليون برميل ..

الإجراءات التي اتخذها النظام مؤخرا ، عبر تحرير الأسعار ، ورفع سلطة وزارة التجارة الداخلية عن التسعير ، ما هي إلا بداية السقوط في بئر الأزمات ، التي سوف تظهر تباعا ، بدءا من ارتفاع الأسعار في الأسواق بشكل جنوني ، وانتهاء بانتشار الجريمة ، ومرورا بانهيار سعر صرف الليرة السورية ، وخصوصا ان النظام لم يعلن حتى الآن نيته تعديل الرواتب والأجور ، وعلى الأغلب أنه لن يكون قادرا على القيام بهذه الخطوة وعلى النحو الذي يردم الفجوة بين الأسعار والدخل .

خلاصة القول : النظام يزيد من ضغوطه على المواطن السوري الذي يعيش في مناطق سيطرته ، بحجة توفير المواد في الأسواق ، بينما لم يسأل نفسه : من أين سيأتي المواطن بالمال لشراء هذه المواد .. ؟