وكالة قاسيون للأنباء
  • الخميس, 28 مارس - 2024

بوتين وأحلام القيصر الصغير

بوتين وأحلام القيصر الصغير

قاسيون_العقيد ياسر عبد الرحيم 

إن حلم القيصرية الذي بات يسيطر ويتحكم في حواس "بوتين" ويوجّه فيه تلك الغرائز الدموية الحيوانية الشَبِقة للاستيلاء على جغرافيا الشعوب المستضعفة، هو حلم يعود إلى أواخر العصر الحديث، حين كانت سلالة "آل رومانوف" تفرض سيطرتها وسطوتها على أكثر من نصف قارة آسيا ومساحات شاسعة من القارة الأوربية.

فهل نستطيع القول أن بوتين هو آخر قياصرة روسيا فعلياً؟؟!!

أم أنه لا يتعدى مجرّد كونه انعكاساً لصورة "راسبوتين" ذلك الكاهن الذي كان لشذوذه العقلي والأيديولوجي السبب المباشر لتحطيم روسيا القيصرية آنذاك؟؟!!

لقد كانت ثورة السوريين الأحرار في عام ٢٠١١ صادمة ومفاجِئة لنظام الإجرام الأسدي، رغم اعتماده تاريخياً على طريقة الحكم الشمولي الاستخباراتي الذي لا يترك مجالاً للتفكير بأي انتفاضة أو احتجاج ضده، بسبب القبضة الأمنية الحديدية المستوحاة في معظمها من طرائق الأنظمة القمعية كنظام بوتين في روسيا الاتحادية أو نظام الملالي في إيران، وهي أنظمة تعتمد في المقام الأول على تقديس شخص الحاكم، وعدم السماح بمجرّد التفكير في انتقاد أدنى موظف محسوب على مثل هذه الأنظمة.

ولم يكن التدخل الإيراني الذي برره نظام الأسد على أساس طائفي محض، يقضّ مضاجع الثوار أو يوهن من عزيمتهم، فثوارنا كانوا مشبعين بروح البطولة والإقدام وهم يتفوقون على الميليشيات الإيرانية الطائفية روحياً ومعنوياً.

ولكن تدخّل روسيا السافر في العام ٢٠١٥ إلى جانب ميليشيات النظام الأسدي، قلبَ كل الموازين على الأرض، فروسيا البوتينية تدخلت بكامل ثقلها العسكري متبعةً الأسلوب التقليدي الإجرامي التاريخي لروسيا القيصرية في العصور الوسطى، وهو أسلوب "الأرض المحروقة" فكانوا لا يدخلون قرية أو منطقة سورية إلا بعد دكّها بمئات الصواريخ وعشرات الغارات الجوية، حيث كان الأسطول الجوي الروسي في حركةٍ دائمة فوق أجواء الأراضي السورية.

رغم ذلك.. واليوم وبعد سبع سنوات على هذا التدخل السافر ضمن الأراضي السورية، فإن الصمود الأسطوري للثوار السوريين في كثير من المناطق مرّغ أنف الروس في كثير من المواقع، وأظهرَ للرأي العام العالمي زيفَ التجبّر الروسي البوتيني القيصري التافه.

فلا يخفى على أحد في هذا العالم، ذلك التاريخ الإجرامي لروسيا منذ العصور ما قبل الوسطى وصولاً إلى ظهور الاتحاد السوفياتي كقوة عالمية عظمى، هذا الاتحاد الذي تحقق عنوةً على أيادي جلاوزة الحكام البلاشفة من لينين إلى ستالين وغيرهم.

ونحن هنا لسنا بصدد سرد تاريخي لحجم الإجرام والقتل والإرهاب الذي تطبعت به روسيا تاريخياً، ولا يمكن لأي ذاكرة أن تأرشف الأهوال والفظائع التي ارتكبها الروس بحق جميع شعوب الأرض، فهي دولة أعمدتها المافيات الإجرامية العالمية، وهي تنظم عمل هذه المافيات في كل مكان.

يبقى أن نذكر أن غوص "بوتين" ومراهقاته في أوكرانيا مؤخراً مردّها إلى ذات الحلم القيصري الذي يراوده، محاولاً إعادة تصدير روسيا القيصرية مجدداً إلى الواجهة الدولية كقطب مناهض لأقطاب أخرى فوق هذا الكوكب.

ولكن يبدو أن بوتين وبعد سبعة أشهر من إعلان حربه على أوكرانيا وسبع سنوات في سورية، لم يعدو كونه مجرّد امتداد لظل "راسبوتين" ذلك الكاهن الذي سيساهم مجدداً في زيادة تحطيم أسطورة روسيا القيصرية الجديدة.