وكالة قاسيون للأنباء
  • الخميس, 28 مارس - 2024

عن وكالة سانا*

عن وكالة سانا*

قاسيون ـ محمد العويد


احتفت زميلتي في العمل سابقا/ن. و/ بفوزها بأفضل مقال صحفي في الاحتفالية المقامة سنويا بدمشق، لاتحاد الصحفيين السوريين، هي صورتها بأنوثتها وعذوبتها، ستنهش ذاكرتي، واسترجع محطاتنا معا، وقد باعدت بيننا سنوات الحرب، ومقاصد المحتفلين، فاخفي رغبتي بإرسال عبارة "مبروك يا اميرة" واتحسس علبة العطر الذي نحبه، متسائلا هل يصلح العطار ما أفسده الدهر بيننا؟.
كانت المرة الأولى التي أعرف أن وكالة سانا وسط العاصمة دمشق بطوابقها العشرة، فيها قاعة تتسع للجميع، اتذكرها في الطابق الثامن، تحدث المدير حينها عن التحولات وخط التحرير والطموحات، أشاد بها ثم ورد اسمي.. صدفة، لم أكن أنتظرها، ولم تقع قبل، فأتهيأ لها، أنا الريفي القادم من الجنوب، وسط مخاوفي بين أساتذة كبار منهم مندوب القصر الجمهوري، المراسلون، الخارجي والداخلي والاستماع السياسي والانترنت ورؤساء أقسام النشرات الداخلية.
وحدها غمرتني، وبدت كلمة"مبروك " منها، سترسمني للقادم ولا تغيرني، فمساء كنا نتسكع على أطراف بردى البارد، ودمشق غريبة بلا صديق يؤنس خطاك، ككل المدن موحشة بلا إمرأة تكسر رتابتها.
لم أكن أعرف عن وكالة سانا للأنباء، أكثر من عابر بجانب سورها العالي، و تكرار الاسم في كل الصحف التي اشتريها، فلا احبها، واهرب الى الصفحات الثقافية او التحقيقات والاخيرة متعتي.
في داخلها بدت مهيبة منظمة ومنضبطة من باب الدخول وحراسه العابسين،لسياراتها بنمرها الخضراء على واجهتها"لوغو" الوكالة و"اتحاد الصحفيين" ثم صالة تحرير الداخلي والمحافظات، وقد نجح عشرات من أبناء جيلي بتبوء مقاعدها الرئيسية،لكن ملامح الجدية بدت متناغمة مع المجمع الكبير، وغابت ضحكات "الصحبة" ايام مقاعد الجامعة والتدريب العسكري ومخيمات الصحافة.
وحدها /ن. و/ كانت العذبة، الجميلة، تغزل كلماتها، تراقص عبارتها،فأقرأها كلما انتهت، فاغبطها القصيدة في "سانا" فترد "انت مشروع مختلف وفي سانا?".
لم تكن سانا موقع الكتروني، قبل الإعلام الجديد، كانت النص والكلمات التي ستصل بقاع العالم، عن صورة سوريا، وما بها وموقفها الرسمي تجاه كل سياسي او اقتصادي، وستطبع معها رتابة كل الإعلام السوري داخليا، كانت اخبارها تدقق بتسلسل وتراتبية تصل للقصر دوما، تشيد بالمنجزات الحكومية، حتى وإن كان على يسارها اوسخ بقعة في العاصمة، وتعد بالتحولات, وإن كان يفترش ارصفتها متسولين وباعة اليانصيب والاحذية والعسكر وملاحقتهم من الشرطة العسكرية، فيهربون، والقادمين من ريف العاصمة الغربي، قطنا والمعضمية وخان الشيح والمساكن، والراحلين الى بيروت ببؤسهم والعائدين بالمهربات، والبالة والموز وحتى الخبز اللبناني.
في حديقة تشرين كانت أولى محطاتنا معا، نسمة باردة رجف جسمها النحيل، فخلعت معطفي ووضعته على كتفيها، رعشة أصابعي انتقلت الى المركز، وحين افترقنا اعيد ذات الخفقان، حين لامست يداها جسدي، مضيفة "دير بالك على حالك انت وحداني".