قاسيون_عادل قطف
بالرغم من كل المآسي التي يمر فيها المواطن السوري في مناطق سيطرة منظومة الأسد الحاكمة، إلا أن حكومته ووسائله الإعلامية لازالت تطالب المواطنين بعدم الشكوى والتأفف من الوضع الراهن، متجاهلة أن ذلك المواطن عاجز بشكل شبه تام عن تأمين قوت أولاده في ظل تزايد حدة الأزمة الاقتصادية والتي يعتبر بشار الأسد وحكومته أول المتسببين بها.
وفي هذا الصدد دعت صحيفة "الثورة" التابعة لحكومة النظام المواطن السوري إلى الصبر بدلاً من الشكوى والندب واتهمه بتضخيم معاناته!
وزعمت أن الحكومة تتكبّد الكثير من الجهود والنفقات جراء الحرب والحصار، وأنها وعدت بأن تحسين مستوى معيشة المواطنين يُعد الهاجس الأهم للعمل الحكومي، والهدف الرئيس للسياسة الاقتصادية لها، ولاسيما في ظل الصعوبات التي واجهت معيشة المواطنين بسبب مفرزات الحرب الوجودية المفروضة على بلدنا، حسب قولها.
وأضافت الصحيفة أن الحكومة ستستمر باتخاذ كل الإجراءات التي من شأنها تحقيق هذا الهدف، سواء من خلال الزيادات المدروسة للرواتب والأجور أم متمماتها، وأسضا من خلال تخفيض تكاليف المعيشة، وتعزيز القوة الشرائية للعملة الوطنية، وضبط الأسواق والأسعار،
وقالت الصحيفة إنها تأسف على حال الأغلبية الذين أسقطوا من حساباتهم الحديث عن الحصار وتفهّم آثاره، وغيبوا ما تتعرض له البلاد من عدوان ونهب للثروات والمقدرات ومحاولات شللها وتعطيل كل شيء، حيث كان من المفترض أن نحثّ بعضنا على الصبر، وأن نحاول خلق المبادرات.
وترى أن البعض راح يُضخم المعاناة أكثر مما هي أصلاً وهذا لا يجوز، فليس كل ما يحلّ بنا من الحكومة رغم قدرتها على التعاطي بشكلٍ مختلف، إن تغييب الحقائق يشكل حلقة مفقودة تشوّه المشهد، بما لا يقلّ سلبيةً عن تلك الحلقة المفقودة في الأداء الحكومي وقتما يقلّ الاكتراث بالطاقات والإبداعات والخبرات المتاحة، على حد تعبيرها.
وتجاهت الصحيفة أنه بعد أكثر من سنتين على ذلك البيان تردى مستوى المعيشة أكثر، معتبرة بعض الناس الذين تكبدوا الكثير من المعاناة اكتفى أغلبهم بالندب والشكوى، وصبّ جام غضبهم على ذلك الأداء الحكومي واستعراض ما يعانون منه عبر جلساتهم وأدبياتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولاقى منشور الصحيفة انتقادات واسعة بين شريحة كبيرة من الموالين، واتهموها بمحاولة التدليس للحكومة التي لم تقدم شيئ طيلة الأعوام الماضية للمواطنين، بالإضافة إلى أنها لم تتخذ أي إجراء صحيح يصب في الصالح العام، حيث بات تأمين لقمة العيش والمتطلبات الضرورية الشغل الشاغل لغالبية الأسرة السورية، وذلك مع الارتفاع الحاد في أسعار السلع والخدمات الأساسية، وانخفاض القوة الشرائية نتيجة تدني سعر صرف العملة الوطنية إلى حدود غير مسبوقة، وغيرها من التبعات التي خلّفتها سنين الحرب وما رافقها من حصار اقتصادي وعقوبات.
كما أن الصحيفة أغفلت عدم اتخاذ الحكومة أي إجراءات اقتصادية فعلية تخفف الضغط عن كاهل مواطنيها الصابرين رغماً عنهم، الذين أصبحوا وفقاً لـتقارير الأمم المتحدة أفقر شعوب الأرض وأكثرهم تعاسة، بمتوسط دخل سنوي للفرد لا يتجاوز 215 دولاراً، وهو الأقل على مستوى العالم بحسب آخر تقرير نشرته المنظمة الدولية.
في سياق متصل تمنت الباحثة الاقتصادية الدكتورة "رشا سيروب"، أن يتم التعامل مع الكفاءات والقوة البشرية كسلعة، وقالت: نعم أقبل بأن يصبح رأس المال البشري سلعة تسّعر بقيمتها العادلة.
وبحسب ما ذكرته سيروب في منشور على صفحتها على فيسبوك منتقدة رفع سعر الذهب أنه: وفقا لرئيس جمعية الصاغة بدمشق، وتأكيده أن تسعير الذهب يتم حالياً على دولار يساوي 5,560 ليرة سورية لضمان عدم انخفاض سعره عن الدول المجاورة وبالتالي تهريبه إلى الخارج، حبذا لو يتم تطبيق هذه الآلية عند تسعير الأجر، أي تغيير الأجور بما يتوافق مع هذا السعر الوسطي، لعل وعسى نحافظ على ما تبقى من رأس المال البشري.
ونوهت سيروب إلى أن الحد الأدنى للرواتب والأجور يجب أن يكون 358,620 ل. س شهرياً، وفقاً لدولار تسعير الذهب وبالقياس على مبلغ خط الفقر (2,15 $) الذي يعكس الانفاق اليومي للفرد، كما وأنه على اعتبار أن معدل الإعالة في سورية 4.5 ( كل شخص ينفق على خمسة أشخاص تقريباً)، ما يعني أن الحد الأدنى للرواتب والأجور يجب ألا يقل عن 1,613,790 ل.س شهرياً.
وأكدت ان هذا الأجر لا يقلل عدد الفقراء، بل يخرجهم من حالة الفقر المدقع، معتبرة أن الأجر لا يضمن مستوى المعيشة اللائق ولا يلبي حتى الحاجات الأساسية (من مأكل وملبس ومسكن ورعاية صحية) التي نص عنها الدستور.
يذكر أن المصرف المركزي رفع سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي ليصل إلى 4522 ليرة سورية، وسعر شراء الدولار لتسليم الحوالات الشخصية الواردة من الخارج بالليرات السورية إلى 4500 ليرة، وسعر البدلات 4500 ليرة، بينما وصل سعر صرف الدولار في السوف السوداء إلى الـ 7000 آلاف ليرة سورية.