قاسيون ـ سوشال
كتب المحلل الاقتصادي ، يحيى السيد عمر ، منشورا على صفحته الشخصية في "فيسبوك" تحدث فيه عن أهمية مرفأ بيروت ، بالنسبة للاقتصاد اللبناني ، فضلا عن الخسائر التي خلفها تفجير المرفأ والتي سوف يكون لها أثرا كبيرا على الوضع في لبنان بشكل عام .
ورأي السيد عمر أن الخسائر الاقتصادية جراء التفجير ، تتمثل بعدة أبعاد ، الأوّل بخَسارة البنية التحتية في المرفأ والتي تُقدَّر بعِدّة مليارات دولار، وهذا ما تَعجِز الحُكومة عن تَأْمينه في ظِلّ أَزْمَتها الاقتِصادية، ممّا قد يَدْفعها للاقْتِراض وبالتالي تَعمِيق أَزْمة الديون الخارجية .
أما البُعد الثاني بحسب السيد عمر ، فيتمثَّل بالخَسائر التَّشغِيليَّة جرَّاء توقُّف الميناء عن العَمَل، فهو الأهَمّ والأَضْخم في لبنان وهو حَلْقة الوَصْل الرّئيسة مع العالَم، ويُدرّ دخْلًا سنويًّا يقدَّر بـ 350 مليون دولار، ستخسرها الحُكومة في وَقْت أحْوَج ما تكون لهذا الإيراد في ظِلّ الأَزْمة الاقتِصادية الرَّاهِنة.
وأضاف أنه يمُرّ عَبْر ميناء بيروت 80% من صادِرات لُبنان، وتساهِم هذه الصادِرات في تأمين القِطع الأجْنبيّ، وبالتالي فستتأثَّر حركة التَّصْدير سلْبًا وسينخفض معها إيراد القِطع الأجْنبيّ مما سيُضْعِف قِيمة الليرة اللبنانيةالمُتدَهْوِرة أساسًا، لذلك قد نَشهد في الأيام القادِمة تراجُعًا بقِيمة اللِّيرة.
ورأى أن التُّفْجير قد يقود لبنان للدُّخول في أَزْمة سِلَع إستِراتيجِية لا سيّما أنّ التَّفْجير قد أتَى على المخزون الإستِراتيجيّ من القمح والمُقدَّر بـ 145 ألف طن، إضافةً لتَدْمير مَخْزن الأدوية المُستعْصِية، وهذا ما سيخلُق أَزْمة موادّ أساسيّة، ويَزيد من التزامات الحكومة المَالِية لمعالَجة الأَزْمة.
وتابع ، نَتيجة التَّراجُع الحادّ في عَملِيّات الاستيراد سينخفض عَرْض السِّلَع في السُّوق اللُّبْنانية وبالتالي سوف تزداد أَسْعارها، الأمر الذي سيُضْعِف الحركة التِّجارية الدّاخلِية ويعزِّز الأَزْمة الاقتِصاديّة ويرفع مِن مُعدَّلات التضخم .
وأشار السيد عمر إلى أن التَّفْجير سبب تَضرُّر الكُتَل السَّكنية في الأحياء المُحِيطة بالمِيناء ممّا أَفْضى لوُجود 300,000 شَخْص بلا مَأْوى، وهذا ما يَفْرض على الحكومة اللبنانية تَبِعات مالِيّة جديدة للالتِزام بواجِبها الاجتِماعيّ في تأمين حُلول للمُتَضرِّرين، وكل هذا يُعمِّق من أَزْمة الحكومة الاقتِصادية.
كما سبَّب الانفِجار تضرُّر 90% من الفَنادِق الكُبْرى في بيروت ، الأَمْر الذي سيُلقِي بظِلاله على السياحة في لبنان وبالتالي تراجُع الإيرادات السِّياحيّة والتي تُقدَّر بـ 7 مليار دولار، وبالتّالي سيُعزِّز على المدى المتوسط الأَزْمة الاقتِصادية ويَزيد من ضَعْف الليرة اللبنانية .
وبين أن الحكومة ستنقل حركة الاستيراد والتِّصدِير إلى ميناء طرابلس، إلا أنّه غير مُجهَّز لاستقبال كَمّيات كبيرة من السلع ، ممّا سيُبطِئ حرَكة الاستِيراد والتَّصْدير، ناهيك عن افتِقاره لمخازِن وصوامِع لتَخْزين القمح والسِّلَع الأخرى، الأمر الذي سوف يرفع تَكْلِفة الاستيراد نتيجة تكالِيف النَّقْل إلى المخازِن البَعِيدة.
ورأى أن الموقِع الجُغْرافيّ لِميناء بَيْروت يمثل مِيزَة تِجاريّة كونه يقَع في مُنتصَف لُبنان، وهذا ما يَفتقِده مِيناءطَرابُلس الواقِع في الشَّمال، وبالتالي ستزداد تَكْلفة الاستِيراد والتَّصْدير لا سيّما أنّ مُعظَم شرِكات الاستِيراد والتَّصدير تَعمَل في بَيْروت، وبالتالي ستزداد تكالِيف النَّقْل الدَّاخِلي.
أما فيما يخص النظام السوري ، فرأى كذلك أن الآثار السَّلْبية للتَّفْجير ستطاله كون لبنان باتَ المُتَنفَّس الاقتِصاديّ الوحِيد للنِّظام، ونقْل الحرَكة التِّجارية لطَرابُلس سوف يحْرِم النِّظام من إمكانِيّة تَأْمين موارِده بسبَب انخِفاض نُفُوذ حُلَفائه اللُّبْنانيين في الشَّمال، وبالتالي ستزداد عُزْلة النِّظام الاقتِصاديّة.
وأوضح أن الانْفِجار سبب ارتفاعًا بأسعار النَّفْط العالَمِيّة بحُدود 2%، مدفوعًا بالقَلَق العالَميّ من تأثير التَّفْجير على التوتُّرات في المنطقة، لا سيّما في ظِلّ تحوُّل لبنان لمنطقة تجاذُبات إقلِيميّة، وبالتالي فأيّ حدَث أَمْنيّ أو سِياسيّ من شأْنه تَأْجِيج التوتُّر.
وختم بالقول ، قد يكون تفجير مِيناءبَيْروت قد تسَبّبَ في مقَتَل المئات من الضحايا والأبرياء ،لكنّه بلا شكّ سوف يتسَبّب في تشريد وخَنْق وتجويع من تبقى من سكان بيروت، ليضيف لأزماتهم أزمةً جديدة، وليضاعِفَ من عجزهم عن التَصَدّي لأحوال معِيشِيّة باتَت مستحيلة في ظلّ حكومة العَهْد الحالِيّة.